بعيدا عن حفل الافتتاح الذي أسال الكثير من الحبر في الصحافة الوطنية والأجنبية، وعن الأرقام القياسية التي حطمها الرياضيون الجزائريون خلال دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط في طبعتها 19 وهران 2022، هناك أرقام تقنية وتكنولوجية حطمتها اتصالات الجزائر في القرية الأولمبية على وجه خاص، وعبر حدود ولاية وهران عموما، لم نتصور يوما أن تحطم في الجزائر. فهل تعمم تجربة وهران " في مجال الاتصالات " على 58 ولاية جزائرية قريبا؟
لم يألف سكان الباهية وهران فيما سبق الدفع الإلكتروني عبر بطاقات ماستر كارد أو فيزا كارد ، ولا عمليات البيع والشراء دون نقود وبصورة افتراضية محضة، أو التطبيقات الذكية للسياحة والتجوال التي أبدعتها العقول الجزائرية ، كما أنهم لم يتمتعوا بتقنية Wifi 6 ، وهم الذين اشتكوا دهرهم من ضعف الأنترنت.
كل هذا كان حلما لكل الجزائريين قبل سكان وهران، غير أن أن ألعاب البحر الأبيض المتوسط، في طبعتها 19 جلبت الحظ لسكان مدينة وهران وجعلت مدينتهم تكتسي حلة التكنولوجيا والرقمية، وتحظى بالتجربة الأولى وطنيا لأحدث تقنيات حاليا Wifi 6 أو ما يعرف بشبكة الجيل السادس.
جدير بالذكر أن Wifi 6 يوفر سرعة أكبر مقارنة ب Wifi 5 ، حيث يصل معدل نقل البيانات إلى 1.1 جيجابيت في الثانية عبر نطاق 2.4 جيجا هرتز، كما يصل إلى 4.8 جيجابيت في الثانية عبر نطاق 5 جيجا هرتز، لكن هواوي تقول أن السرعة القصوى لشبكات Wifi 6 تصل إلى 9.6 جيجابيت في الثانية.
سرعة الاتصال أثارت إعجاب المحلّيين والأجانب، وقد اجرت اتصالات الجزائر سبر آراء كان إيجاب 100 % ، تقول المؤسسة أنها اختبرت "بشكل يومي تقريبا 24 ساعة" رأي المقيمين مستوى شبكة Wifi 6، ولم تتلق إلى غاية اليوم أي رد فعل سلبي. منذ اللحظة الأولى للحدث، إلى غاية اليوم الخامس من الحدث، وفقا لما يؤكده عادل بن تومي.
يتضمن سبر الآراء 440 مستعملا لشبكة Wifi 6، منهم 45 مقدوني، و40 يوناني و45 مصري و40 كرواتي، و40 تونسي و40 إسباني و50 إيطالي، و45 فرنسي و40 سلوفيني، و50 شخصا من مختلف عمال المطاعم و 5 أعوان للحماية المدنية، إضافة إلى عناصر الوفد الجزائري.
وثمّن التجمّع الجزائري للناشطين في الرقميات رفع سرعة تدفّق الأنترنت بولاية وهران بمناسبة الألعاب المتوسطية، ودعا إلى تعميم التجربة على كافة الولايات ، في كل أيام السنة، وختم المتحدث قوله: " ندرك أن استثمارا ضخما كهذا سيستنزف مبالغ طائلة، ولكن أهمية خدمة الأنترنت وجودتها تفرض علينا ذلك".
لم تقتصر على الأمر على رفع سرعة تدفّق الأنترنت أضعاف مضاعفة ، إنما امتد ليشمل قطاع المصارف والبنوك، القرية المتوسّطية أصبحت عالمية ، الفنادق والمساحات التجارية الكبرى الأجانب والسياح من كل الدول، ولابد من ولوج عالم الدفع الإلكتروني والشراء والبيع اونلاين، عبر التزوّد بآلات تكنولوجية متنقلة لكنها رفيعة المستوى ، في ظرف قياسي عمّمت هذه البنوك، أزيد من 40 موزّع آلي للنقود " DAB " و30 جهاز دفع إلكتروني متعدّد الأطراف " TPE "، على مستوى القرية العالمية والفنادق والمساحات التجارية الكبرى والملاعب.
الحملات الإشهارية و التحسيسية كانت الحاضر الأكبر، باللغة العربية والإنجليزية لتوجيه زوّار الجزائر إلى الموزّعات الآلية ونهائيات الدفع الإلكتروني دون أية عراقيل.
لازال هناك المزيد فقد عجّت المنصات والمواقع الإلكترونية بعشرات التطبيقات الجديدة، التي كان أبطالها شباب جزائري مبتكر هدفه استغلال فرصة الألعاب المتوسّطية لإماطة اللثام عن تطبيقات حصرية تجعلك تشعر للوهلة الأولى أنك في أوروبا وليس في الجزائر، من أجل تشجيع السياحة والسياح على زيارة الجزائر في كل الأوقات.
نعود إلى سؤال البداية، هل ستعمم هذه التجربة الناجحة على كل المدن الجزائرية؟
للإجابة عن هذا السؤال نعود إلى اعتراف وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية كريم بيبي تريكي ، عبر فيديو مصوّر نشره عبر صفحته المهنية " لينكد إين " أن احتضان وهران للألعاب المتوسطية، كان بمثابة تحدّ خاضته الجزائر على عدة أصعدة، ولم يحد البعد التكنولوجي الذي له تأثير مباشر على نجاح هذه التظاهرة الرياضية عن ذلك، كما أكّد أن هذه التجربة لن تقتصر مستقبلا على ولاية وهران.
ما كانت الجزائر لتنجح في مهمتها، حسب بيبي تريكي وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية ، دون كسب رهان التكنولوجيات، ما دفع اتصالات الجزائر لرفع سقف أداء شبكات الاتصالات باستخدام أحدث تقنيات الثابت والنقال وحتى الأقمار الصناعية، وأضاف الوزير: " ما يمكن إنجازه في وهران يُتاح إعادته ببقية جهات الوطن لاحقا، هذا هو المكسب الذي نريد تحقيقه ".
المدينة الجزائرية الذكية، في حقيقة الأمر هي حلم صعب المنال، لكنه ليس مستحيلا بل هو قابل للتحقق لكنه يحتاج إلى الكثير من الرغبة والإرادة في العمل والنوايا الجادة والصادقة، وهران 2022 كانت أكدت أن الكفاءات والإطارات الجزائرية حينما تجد وتجتهد في الأداء ، فإنها تحقق ما تريد.